الأحد، 12 يونيو 2016

أنت ملحد فلا تجادل!! "مقال بسيط يلخص إحدى الحلقات القادمة"




هل نحن فعلا مؤمنون؟ ما هو الإيمان؟ و كيف يمكن أن يصب الإيمان يقينا؟ و من هو الملحد؟ و هل الملحد الحقيقي يمكن أن يؤمن؟ نجيب بعجالة هنا في انتظار اكتمال البحث و تسجيله في حلقة لاحقا:
-----------------------
       الإيمان بالشيء هو العلم بوجوده، و العلم بوجوده يقتضي أدلة يقبلها العقل و يطمئن إليها، و إلا فلا إيمان، و من هذا المنطلق أعتقد في رأيي الشخصي أن أكثر هذه الامة اليوم بما يزيد عن 90% هم غير مؤمنين و إنما مقلدين بلا علم، و محابين للمجتمع، مضطرين للتظاهر بأنهم مؤمنون لاكتساب شهادة اعتراف بهم.. يبدو هذا الكلام صعبا و قاسيا قليلا لكنه الحقيقة التي يتهرب منها المسلمون منذ زمن، و الحقيقة أني لم أسقط هذا الامر إلا بالنظر لنفسي أولا خلال سنوات طويلة من التساؤل و الحيرة و الشتات الفكري و الإيمان الضعيف.. لولا أن الله تعالى زرع بداخلي حب التعلم و البحث عن الأجوبة التي أحتاجها و هو ما يحتاج إليه اليوم كل مسلم.. فنحن بحاجة اليوم إلى شباب ينتقد إيمانه و يتهمه و يطرح على نفسه هذا السؤال: أليست فكرة واحدة إلحادية اليوم قادرة على زعزعة أيمانكم حتى لو تظاهرتم بأنكم ثابتون و لا تتزعزعون؟ طبعا هو ما يحدث، و النزوع للالحاد في مجتمعاتنا يبدأ من هذ الضعف الإيماني المستشري بين أفراد هذه الأمة قال تعالى:" و ما يؤمن اكثرهم إلا و هم مشركون"، و ضعف المسلمين اليوم في إيمانهم يبدأ من مشكلة التقليد الإجباري بلا تساؤل و لا تفكير و بلا اقتناع بهذا الإيمان و دون استدلال عليه، فلا إيمان دون طرح أسئلة عقلية حقيقية مهما كانت تبدو إلحادية، و الإجابة عنها لإقناع العقل بهذا الإيمان، فللإمان بأن القمر في السماء ليلا نرفع عيوننا للتاكد و لا نكتفي بالتفكير في ذلك فقط، و من اعتقد أن الإيمان يجب أن يكون بلا طرح أسئلة و بلا تأكيد و استدلال فهو ساذج و يخدع نفسه و معرَّض للاهتزاز مع أول ريح إلحادية تهب عليه...و لهذا وجب أن يكون الإيمان ليس بداية و إنما نهاية رحلة بحث و تفكير و استدلال توصل إليه، و الله تعالى يقول في 12 من آياته موجها: "أولم يروا...." يجيب في كل آية عن تساؤل يمكن ان يطرحه العقل البشري متسائلا يكون غياب الإجابة عنه تبريرا للإلحاد. و لتجنب ذلك أعتقد أنه من المعقول عدم كبح العقل و تركه يطرح تساؤلاته و من ثم تبدأ رحلة البحث عن الأجوبة لإقناع العقل، عوض التجاهل و التهرب الذي يجعل الإيمان في قلب الإنسان صوريا غير ثابت تستطيع أي رياح العصف به، و لهذا وصلني هذا الشهر من شباب اكثر من أربع اسئلة يروجها بعض المغفلين الرفاق بجامعتين مغربييتين و نقلها إلي شابين للاستشارة فكان أول ما طلبته منهما قبل الإجابة بألا يكبحا العقل او يتجاهلا التساؤلات او يتهربا و يخشيا طرح تلك الأسئلة لأنها لن تموت و ستظل مختبئة في القلب و يوما ما ستكون كارثة يعضف بصاحبها للكفر عياذا بالله و هي في حقيقتها تافهة أجوبتها سهلة، ثم قدمت لهما الاجوبة و اكتشفا فعلا كم الاجوبة بسيطة، كان مما سألاه قضية الاسلام دين قتال بنص القرآن و أيضا و قضية التساوي في الإرث و غيره مما يستغل به الرفاق الشباب الذي لم يبحث بعد و لا علم له ليتلاعبوا بإيمانه، و المشكلة هنا تبدا منذ الصغر و يشارك فيها جميع مكونات هذا المجتمع الغارق في الجهل منذ زمن بعيدا عن سبيل ربه...
        و إيمان كهذا بالتاكيد لا يمكن التعويل عليه ليتدرج نحو اليقين، فاليقين درجة أكبر بكثير من الإيمان ، و من كان إيمانه سطحيا ضعيفا لا يُنتظر منه اليقين يوما فهو لن يقفز المراحل التي جعلها الله سنة كونية..
و نتيجة سطحية الإيمان هذه هو الوقوف على مشارف الإلحاد متى أطل على المرء أسقطه من شرفته تلك، كما لا يمكن التعويل لزيادة و تثبيت الإيمان على ما هو منتشر من محاضرات و خطب روحية يمكنها أن تزيد إيمانك قليلا لوقت قصير ثم تذوب كالشمع، لأنها لا تزرع الإيمان و لا تسقي جذوره بقدر ما تزينه و تعدل سلوك صاحبه، فالبحث العقلي المنطقي العلمي في كتاب الله و سنة نبيه الصحيحة التي تتوافق مع كتاب الله هو ما سيرفع درجة الإيمان إن كان البحث جادا و متعبا و صادقا في نفس الوقت، و الملحد الحقيقي هذا ما يفعله بالضبط، بخااف المتألحد المتصنع للالحاد كملحدي بلداننا العربية. و تأكدوا أن نهاية بحث الملحد الصادق هي الإيمان كما تشهد أدلة كثيرة بذلك عبر الزمن... و كم مؤمن تعرفونه انطلق من الإلحاد ليجيب عن أسئلته و يؤمن بصدق، بخلاف اغلب المؤمنين الذين سمعوا بأنهم مؤمنين فقالوا بأنهم كذلك و ارتاحوا لذلك، و ركنوا لهذا الاعتقاد الخاطئ الذي نتيجته البديهية أن يكتشفوا يوما أن إيمانهم مزيف، و هذا بالضبط ما حدث لصديق لي سنة 2007 حين التقيت به بعد سنوات فاعترف لي من أول جلسة جلسناها بان لديه مشكلة إيمانية خطيرة، و حكى لي كيف يشك في وجود الله و تراوده أفكار إلحادية يكبتها و لا يقولها لاحد إلى حين أخبرني بها لعلمه بتقبلي لتلك الافكار ابتداء..و الحمد لله بدات معه بشريط وثائقي بعنوان خلق الكون و بعده بدانا قليلا قليلا نجيب على بعض الاسئلة في وقت حاولت إيهامه أن تلك الاسئلة هي وليدة مرض يعاني منه اسمه الوسواس القهري يحتاج لعلاج في فترة معينة، و سمع لي بحمد الله حتى اجتزنا المرحلة في خلال أقل من سنة.. لكن المشكلة أني سأكتشف بعد فترة قلية أن تلك المشكلة يعاني منها شباب كثيرون و اناس عديدون في صمت خوفا من نبذ المجتمع و نفاقا له، فهلا منحنا عقولنا فرصة الإيمان بالله و بموجباته عوض كبثه حتى يسقط؟؟!!

--------------
محمد الرامي