الخميس، 1 يونيو 2017

الخطوط الخضراء و الحمراء في موقفي من أحداث الحسيمة


بعد دردشات و مراسلات على الخاص خلال الفترة الأخيرة مع أصدقاء و معارف و ناشطين، تردد ضمن الحوارات سؤال حول موقفي مما يقع بالحسيمة و مع من أكون، حيث نأيت بنفسي منذ مدة عن كل ما يتعلق بالسياسة وطنيا و دوليا، بعد ما عانيت بسببها في مرحلة ما من ضغوط شديدة كانت سببا في أزمات نفسية ساعدتها شخصيتي الانفعالية، و لمست في حديثهم تخوفا كبيرا على الجانب الأمني و ما قد تؤول إليه الأوضاع إذا تطورت للأسوأ، و أرى الآن أنه من واجبي مشاركة موقفي الرسمي مما يقع و التعبير عنه بوضوح:
إن ما يقع في الحسيمة حراك شعبي مشروع لأهل الحسيمة و كل المغاربة المهمشين و المحرومين من حقوقهم التي تكفل كرامتهم كمواطنين، و أنا أدعم بكل ذرة مني أي مطالب اجتماعية و اقتصادية و أطالب كل المغاربة بالوقوف بجانب إخوانهم بالحسيمة و دعمهم ماديا و معنويا حتى تحقق الدولة مطالبهم، و ليس من حق الدولة أن تسيء معاملتهم و لا تقمع حراكهم لأنها تخلت عن واجبها يوم همشت مدنا بأكملها و تركتها للهشاشة و الفقر، و أي تدخل ظالم اليوم مرفوض و هو فقط سيصب الزيت على النار، و ليس المغربي عبر التاريخ من يُحْكمُ بالقوة و القمع، و لنا في تاريخنا العريق عبرة و فائدة، كلنا سنقف مع الحسيمة للمطالبة بالحقوق المشروعة لأهلها و لكل المغاربة الطامحين لحياة كريمة في وطن يسعُ الجميع و ينصف الجميع، لكني بالمقابل أرفض أي انفلات أمني للمحتجين و أي خروج عن السلمية، و أي نزوح لمواجهة الدولة بالعنف يعتبر فوضى و شغب، من حق الدولة و من حقي أنا أيضا و كل مواطن مسؤول أن نهُبَّ جميعا لمواجهته و التعرض له، ليس دفاعا عن الدولة و لا خيانة للمحتجين و لكن حماية للمكتسب الأول و الأعلى للمغاربة و هو الأمن، مهما كانت صعوبة العيش و المعاناة الاجتماعية، فتحقيق المطالب يمر عن طرق السلمية حتى لو كان طريقها أطول فهو الخيار الصحيح، و أي خيار ينهج العنف هو خيار يجب علينا مواجهته، سواء كان من الدولة أو من المحتجين، لأننا نتعامل هنا مع خطوط حمراء غير مسموح لأحد بتجاوزها، أحدها هو الأمن القومي للمغاربة أجمعين، فحتى في ظل غضبنا من هذه الدولة المتخاذلون مسؤولوها عن واجبهم، و التي طالما عبرتُ عن استيائي من الفساد المستشري في إداراتها و سياساتها، و عزمي محاولة إحداث تغيير بدواليبها يوما يرتضيه المواطن الشريف، سأظل مخلصا للوطن و حماية وحدته و أمنه العام، فلا نخلط بين الوطن و الدولة، سيعتقل شباب و يسرح آخرون، و واجبنا جميعا دعم كل المعتقلين ظلما و المطالبة بسراحهم، و المطالبة بحوار جدي مع المسؤولين، و القيام بخطوات تصعيدية عند تماطل الدولة، فأنا أؤيد ذلك و أقف مع ذلك و لا أثق في أن الدولة ببساطة ستنزل لطاولة الحوار، لكن أبدا لن أسمح كمواطن بأن يمس الأمن العام أو ينتهك تحت اي مطالب كانت، لأنه المطلب الأكبر و المكتسب الذي لا يختلف عليه مواطنان شريفان، و هو المطلب الوحيد إلى جانب مطلب الوحدة الوطنية اللذين قد أقف بجانب الدولة لحمايتهما، فلن نقبل أبدا بأي مطالب سياسية تستهدف وحدة الوطن أو استقراره أو أمنه العام، غير ذلك فأنا مع المواطن فقط، حتى تتحمل الدولة مسؤولياتها و تصحح أخطاء عقود مضت من الفساد الذي مس بحقوق أساسية لنا جميعا، كما لا أقبل بأي ظلم او قمع تنهجه الدولة ضد أهل الحسيمة أو غيرها، و لتحقيق المطالب علينا جميعا دعم أهل الحسيمة و تكثيف الضغوط على الدولة لإقناعها بأننا جميعا شعب واحد و مطالبنا واحدة، و لا حل سوى إعادة تأهيل كل المدن المهمشة و تنميتها اقتصاديا و اجتماعيا في آجال محددة، تحت راية واحدة و في ظل الأمن العام و خيار السلمية و الحوار.
-------------------------
محمد الرامي