الخميس، 24 أغسطس 2017

الغيرة بين التعبير عن الحب و التحكم؟!

----------
هل يمكنك التوقف عن الغيرة؟ أعتقد في رأيي أنك عندما تتوقف عن الغيرة فأنت تتوقف تلقائيا عن الحب، لأنهما متداخلان بشكل كبير و مترابطان جدا، بل الغيرة تعبير عن الحب، لكن متى كانت الغيرة مشكلة؟ في اعتقادي أن الغيرة لم تكن يوما هي المشكلة لأن الإنسان تعايش معها منذ ظهوره و مذ عرف شعور الحب، فحتى الطفل الصغير يغار من أخيه، و الأب يغار على ابنه من أمه و العكس، فالمشكلة إذا ليست في الغيرة في حد ذاتها، بل في الإفراط منها، عندما تتجاوز الحد الأقصى المسموح به، و معروف أن كل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده، و كلما تجاوزت الغيرة الحد أصبحت مزعجة، و تحولت إلى قلق و ارتباك و وسواس قهري يشقي من يعيشه، المحب و المحبوب معا، و بالتدريج تسير الأمور نحو تدمير الثقة ثم المحبة ثم الاحترام، لأنها ببساطة تتحول في لحظة ما إلى نوع من التسلط و التحكم في الآخر و الحجر على تصرفاته، و حينها إما يتفهم الطرف الآخر تلك الحساسية المفرطة و يحاول تجنب إثارتها و التعايش معها في صبر، و هذا لن يطول كثيرا، أو يستاء و تظهر عليه ردود أفعال عصبية مليئة بالاستهجان و الرفض، فالأمر كله إذا منوط بالمدى الذي يسمح لنا فيه الطرف الآخر بالغيرة، و هو مدىً غير ثابت طبعا و إنما متغير من شخص لآخر، كما لا تعبر الغيرة الشديدة عن الحب الشديد دائما، بقدر ما تعبر أحيانا عن شعور التملك الذي يعشش بداخلنا، فالغيرة كرد فعل من المفروض أن له دواع و أسباب مقنعة و واضحة، و هذا ما يفتقده الغيور أحيانا فتظهر غيرته كنوع من الوصاية و الحجر و التحكم، و جميعا لدينا قليل أو كثير من ذلك، و لو أردنا تأطير شعور الغيرة وجوديا فسنجد أنه شعور طبيعي، بل غيابه دليل نكسة إنسانية خطيرة، و نحن كمسلمين قرأنا عن غيرة الله تعالى على محارمه، و غيرة النبي على زوجاته و على حدود الله، و لنا تراث يضع الغيرة كشعور يفرض نفسه فرضا في المجتمع ليحافظ على اتزانه، فهي إذا شعور عادي، و المشكل كله في تجاوزها للحد المسموح به من الطرف الآخر... يتبع
-------------------------------------------
محمد الرامي 24 / 08 / 2017