الأربعاء، 6 سبتمبر 2017

الأسود يفلتون من فخ النسور في موقعة باماكو..

الكل يتحدث عن صدمة مباراة الأسود المغربية أمام النسور المالية، و لا أحد يتحدث عن سبب هذا التعادل الذي هو بطعم الهزيمة، و هو السبب الذي لاحظه الجميع و لا يستطيع أحد نكرانه، و ساهم بنسبة تزيد عن 50 في المئة في ضعف أداء الأسود اليوم، من يستطيع أن ينكر أن النسور بمكر استدرجت الأسود لساحة معركة مفخخة تحفظها هي جيدا؟ أوليس ذلك الملعب المحفر الذي لا تستقر عليه الكرة أبدا كاف للتسبب في هزيمة ألمانيا أمام مالي؟ الأسود ظلت خائفة على أرجلها من أي التواء يبعدها عن المنافسات في الدوريات الأوروبية و هي ليست مستغنية عن ذلك بأي شكل؟ أليست الأسود ظلت تجري وراء الكرة كأرنب يقفز هنا و هناك مناورا فلا يعلم اللعب عند نزول الكرة أي منقلب ستنقلب؟ من الظلم أن نغفل السبب الرئيسي لنتقهقر في أحكامنا إلى العتاب و اللوم المبالغ فيه، أكاد أجزم و تذكروها جيدا أن المنتخب اليوم لعب ضد الملعب مرتين و مرة ضد المنتخب المالي، و أؤكد مع تواضع خبرتي الكروية أن مباراة اليوم ليست معيارا أبدا للحكم على مستوى الأسود، فهم أفضل بكثير مما ظهروا به و إن كانوا لم يظهروا بالضعف الذي يصوره البعض، يكفي انهم تعادلوا خارج الميدان نع أحد أقوى المنتخبات الإفريقية، و قبل فترة يسيرة كنا نتمتى التعادل بمالي فلا نحصل عليه، و لكن نتيحة النباراة السابقة (6 -0) تسببت في جشع دفين فاق المعقول، فصار التعادل اليوم ينظر اليه كهزيمة تلقى خلاله المنتخب شتى الشتائم الممكنة، لقد كان فعلا فخا صعبا استطاع الأسود الإفلات منه، و اذا افلتو للنهائيات سترون منتخبا تسعدون برؤيته، و تحرمونه، بقيت مباراة بالمغرب لن يضيعها الأسود في ملاعبه المحترمة، و أخرى بكوتديفوار يجتهدون فيها بالحذر لتجنب أخطاء اليوم و اللعب بخطة تناسب خاصية الملاعب الإفريقية المفخخة، فإن تهلوا بعدها سيلعبون في أجمل الملاعب التي تعودوها ليقدموا أفضل العروض. و ثقوا بي لو رأيت غير هذا لقلته و ما من شيمي التزويق و لا المجاملات. مالي منتخب قوي رغم نقصه، و من المنتظر أن يضرب الغابون و كوتديفوار لاحقا و انتظروا ذلك، و المغرب منتخب قوي غير متعود على مثل تلك الملاعب في أوروبا. و حتى إخراج زياش في ذلك التوقيت بعد تضييع ضربة جزاء كان خطأ من المدرب في نظري، لأنه سحبطه و يكسر عزيمته، و لكن من جهة أخرى في ذلك فائدة لزياش و هي كسر غروره اذا ما كان غروره تعاظم بعد المباراة الأولى. و على ذلك الملعب المفخخ أو مثله سيقضي منتخب مالي على باقي المنتخبات بالمجموعة و هو في صالح المغرب طبعا. أكره التبرير و لكني أكاد أجزم أن ذلك الملعب يبرر مستواهم اليوم و هذا من باب الإنصاف، فكفاكم تحاملا و انفعالية بلا اتزان، تريثوا و انصفوا، و استبشروا فما مر لديكم منتخب كالذي يوجد اليوم منذ عشر سنوات على الأقل.
-------------------------------------
محمد الرامي 06 / 09 / 2017

الأحد، 3 سبتمبر 2017

صناع الهلاك..



      لكل متعة تصيبها ثمن واجب تؤديه، و لكل خطيئة تقترفها عقاب تقاسيه، لست من تسيّر الكون على هواك و لا من تدبّر الأحداث كما تشاء، أنت فقط جندي في جيش كبير إذا خالفت الأوامر تعرضت للعقوبة، لست مالك المزرعة فلا تتصرف في محصولها، و لست صاحب المنزل حتى تقتحمه، أنت بيدق على رقعة الشطرنج ليس من حقك أن تميل عن الصف المستقيم، أنت مهرج على حبل السيرك إن حدت عنه عليك تحمل ألم السقطة.. لا شيء بالمجان، لا شيء بلا مقابل، لا تقترف الجريمة حتى تستعد للمحاكمة، اظلم كما شئت و انتظر عدالة السماء، عدالة الخبير العليم، تمتع كما شئت و توقع أداء الثمن الواجب عليك.. اقتل، ازن، اسرق، اظلم، فأنت فقط تشتري بضاعتك المغلفة، بعد قليل تفتح العلبة لتعلم ما اشتريت، أنت فقط تزرع محصولك، بعد حين عليك حصاده و استهلاكه..

      في خضم حياتنا و نحن نعيشها، كم ننسى حقيقتنا و نضل وراء رغبات أنفسنا، و نغرق في تلبية طلباتها المتمردة، حتى إذا أصبح الفجر و انجلت الغشاوة، و صار البصر حادا، رأينا أثر خطواتنا يتبعنا من داخل النفق المظلم ليشهد على مسيرتنا، نجدُّ كثيرا لتحقيق طموحات دونية، فندمر في طريقنا كل جميل، ليس من عمى نظر و سوء بصر، و لكن من عمى قلب و سوء بصيرة، نحطم القلوب و ندوس المشاعر كطاحونة بلا قائد، و نبني جسورا واهية من ورق الأشجار عوض أن نشيدها من الأشجار، و في غفلة منا نصدق كذبتنا و نثق في جسورنا، و بقدر محتوم ننسى حقيقة ما شيدنا ثم نعبرها بكل ثقة لنهوي معها إلى قعر الوادي السحيق، ركاب سفينة نحن نخرقها، سكان غابة نحن نحرقها، فلا نحن من حقنا أن نشتكي و لا الحياة تأسى على مصيرنا، صناع فوضى تكوّنوا في مدارس الغواية و الشيطان، و عباد آلهة تعددت بعدد الموجودات و الكائنات، يهزنا ذكر رغبة عابرة و لا يهزنا ذكر الحي الذي لا يموت...

      تتخذ الحقيقة في حياتنا ألف وجه و ألف معنى، و يتخذ الزور ألف معنى و ألف اسم، فقط لنبرر طغياننا الفاضح، و نصوغ لجموحنا البدائي، الذي يتلون كل لحظة بلون يناسب الموقف، فنضيع بضياع الحقيقة و نتلون بألواننا المتغيرة، لنرضي غرورنا المتعاظم، و نخفي النار المشتعلة دون انتباه لدخانها الذي يملأ السماء.. فكيف لنا أن نحدد هويتنا و وجودنا و قد صرنا ألفا كحقيقتنا، و صرنا ألفا من المعاني و الأسماء، كيف نستطيع تحديد مكاننا و قد أصبحنا نستوطن كل الأماكن، كيف نواجه مصيرنا و قد شاهت وجوهنا يوم شوهنا حقيقتنا و سودنا وجهها.. لم نضيع في حقيقة الأمر كل الحقائق بل ضيعنا واحدة فقط هي حقيقتنا، أما القيم و المبادئ و باقي الحقائق الكونية كلها ما زالت تحتفظ بوجهها المشرق منذ الأزل، لها اسم واحد و معنى واحد و وجه واحد، فصرنا المخلوق المشوه الوحيد في هذا الكون، و شوهنا كل شيء اقتربنا منه أو لامسناه، وباء لا دواء له، فشلت كل قوى الطبيعة في إبادته، فيروس أصيب بسعار فلم يعد يتكاثر بانتظام كباقي الفيروسات، ميكروب يفني نفسه بنفسه، و يشكو صبر ضحاياه و جلدهم أمام اعتداءاته المستمرة بلا تعب أو كلل، ناقوس خطر مرتعب من صوته..

      لا شيء سيخفي حقيقتنا يوما مهما راكمنا الاغطية، و لا شيء سيغير حقيقة الوحل الذي صنعناه و غرقنا فيه، فنحن مسؤولون عن كل ما نعانيه، ما اقترفناه عبر السنين من خطايا، يعود إلينا مرة أخرى في شكل جديد، بعد تفاعله مع خطايا الآخرين، نرد الدين وافيا في عدالة الملك الديان، فنحن من ظلمنا، قتلنا، زنينا، سرقنا، قطعنا أرحامنا، كذبنا، زوَّرنا، خُنَّا، غدرنا، خدعنا، سطونا على ما ليس لنا، و لبسنا الأقنعة المتنوعة، و سابقنا الحرباء في تلونها، فنحن المسؤولون عن كل ما نعانيه، و مسؤولون عن كل ما نقاسيه من مشاكل و ضنك و حروب و فزع و خوف و تشرد و قلق و اضطراب، نحن جلبنا كل ذلك لأنفسنا بضعف منا أو بطغيان، و بنينا هذا السجن العملاق من حولنا حتى اختنقنا بضيقه، نحن حاصرنا أنفسنا بجيش من صورنا المزورة التي ترمقنا بأحقر النظرات و تحاكمنا بأقسى المحاكمات، فلا يحق لنا بعد هذا أن نتساءل كيف أو لماذا وقع هذا، لا يحق لنا أن نطالب بالعدالة الإلاهية لأننا سنكون أول من تقع عليه فتهلكه، لا يحق لنا أن نحتج أو نغضب للظلم الذي نتعرض له فنحن الظالم و المظلوم، لا يحق لنا المطالبة بتغيير واقعنا ما لم نغيره بأنفسنا، "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
----------------------------
محمد الرامي 03 / 09 / 2017