السبت، 24 ديسمبر 2016

هل فعلا آمن آينشتاين في آخر حياته؟




      المعروف أن إينشتاين كان يهوديا، و دعم في مرحلة سابقة الصهيونية قبل أن يتراجع عن ذلك و ينادي بتعايش العرب و اليهود في فلسطين، لكنه لاحقا صرح بأنه يؤيد اليهودية كقيم و مبادئ فقط و ليس كدين، و واضح أنه كان يؤمن بنظرية الكون الازلي من خلال اقتراحه "الثابت الكوني"، آينشتاين في أبحاثه حول النسبية قادته حساباته إلى وجود بداية للكون، و هو ما يضرب معتقده و المعتقد السائد في الأوساط العلمية بأن الكون أزلي لا بداية و لا نهاية له، فأزعجه ذلك كثيرا ما جعله يضيف عنصرا آخر للمعادلة للخروج من ورطته هو ما يسمى بـ "الثابت الكوني". لكنه بعد سنوات طويلة أدرك فداحة خطئه العلمي فقال قولته الشهيرة "إن أعظم خطإ ارتكبته في حياتي المهنية هو إضافة الثابت الكوني" ثم أزاله. و هو ما يجعله ضمنيا يعترف ببداية للكون و بالتالي منطقيا بوجود خالق -أو مسبب كما يسمونه- للكون. لكن آينشتاين عاش في منتصف القرن السابق حين كانت النظرية المادية تلقي بثقلها الوهمي على البشرية قبل اكتشاف العالم هابل لتوسع الكون، و طرحه نظرية الانفجار الكبير التي ستثبت أكثر بعد حين باكتشاف الإشعاع الخلفي للكون، و حتى بعد ظهور الأدلة تلو الأدلة عن ضرورة وجود مسبب للكون فإن العالم الشهير ستيفن هوكينغ ظل يدافع عن إلحاده حتى بعد ذلك، إلا أنه احترم العلم و المسيرة العلمية فقال بأن "الكون خلق في لحظة من العدم نعم، و لكنه كان مؤهلا لذلك فخلق نفسه بنفسه"، و أي إنسان عاقل حتى غير العلماء يستطيع أن يرى بأن هوكينغ تفوه بحماقة للدفاع عن إلحاده، هذا العالم الكبير الذي خدم العلم لم يستطع أن يتغلب على هوى نفسه فوقع في ما أساء إليه في الأوساط العلمية، حيث طرح طرحا غريبا و هو أن المادة البدائية بعد الانفجار الكبير وجدت قوانين الفيزياء من جاذبية و قوى أخرى جاهزة فخلق الكون نفسه تبعا لتلك القوانين، و هو ما يسميه "حتمية خلق الكون"، لكن بالعقل أيضا نتساءل مع هوكينغ، ماذا كان حول المادة البدائية تلك، أو كرة الطاقة تلك؟ سيقول هو و أتباعه لقد كان حولها العدم، فنقول ما هو العدم؟ يقول لا شيء العدم هو اللاوجود. فإذن بعملية رياضية بسيطة نتساءل، أين كانت تلك القوى الفيزيائية و القوانين التي جعلت حتمية خلق الكون؟ لا يستطيع أن يقول بأن تلك القوانين جميعها كانت داخل تلك كتلة الطاقة و إلا وقعنا في التناقض، فالجاذبية للعمل بدورها عليها أن تكون خلف الأجسام و ليس داخلها، و بذلك سنتفق معه بأن كتلة الطاقة تلك وجدت قوانين الفيزياء التي تحتاجها من أجل التوسع، و السؤال: من أين أتت تلك القوانين و القوى؟؟ سنصل ببساطة و سنعود للنظرية الأقوى و الأشهر و ه التي تقول بوجود مسبب للكون.

      و الغريب أن أناسا عربا ملحدون دخلت عليهم مجموعة على فايسبوك مؤخرا للاطلاع، فوجدتهم ما زالوا بعد موت آينشتاين بكل هذه العقود الطويلة ما زالوا يتحدثون عن أزلية الكون و يتحدثون عن الثابت الكوني، بينما العالم كله الآن يسلم  بأن هذا الكون له بداية و بالتالي مسبب و إله، و يضللون الجهلة من الناس في غفلة من علماء هذه الأمة و مسؤوليها، و حتى لو وصفناهم بالعناد فلن يصلح ذلك، لأن هوكينغ بعناده لم ينكر العلم للدفاع عن إلحاده، أما هؤلاء فيلغون الزمن و يتوقفون عند بداية القرن العشرين و يعيشون في زماننا، هم اشبه بمن سافروا عبر الزمن من عصور سابقة لكنهم لا يعلمون. إنهم ببساطة مرضى و ليس ملحدون، فالملحد يحترم نفسه و يحترم الحقيقة كيفما كانت، و مصيره للإيمان في لحظة ما حالما يرى الحقيقة واضحة أمامه.
------------------------
محمد الرامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يبني و فكرك يعلم و يصحح، فاجعله شعلة تنير قلب من تصل إليه.