الثلاثاء، 21 مارس 2017

طامَّة العصر: الجهل باسم العلم..

      أشعر بالاستغراب و الأسف الشديد حين أناقش مع أحدهم ضلال العلوم و خداع البشر على يد الناسا و الإعلام الموجه، فيبادر للدفاع عن حقيقة تلك العلوم، و تجده مستعدا للقتال عن صدقيتها، و يبدأ بسذاجة في الاستدلال بما قاله العلماء، العلماء الذين لم يعرفهم و لا يعرفهم أحد، و لكنه قرأ أو سمع بذلك في مكان ما، ثم يبدأ في إخباري بأن العلماء قاموا بتجربة في سويسرا أو أمريكا أو لا أعلم أين كأني أجهل الجاهلين. و أظل أوضح له أني طالما آمنت بما يُرَوَّجُ له على أنه حقائق علمية و اكتشافات، و كنت موقنا به و منبهرا أيضا في مرحلة ما، و لكن تكوين عقلي النقدي و التحليلي قادني في النهاية إلى اكتشاف أهم و أعظم، و هو أن أزيد من 80 فالمئة مما هو منتشر باسم العلم لا يعدو ضلالا و أكاذيب ينخدع بها حتى من يمارسون العلم ببلداننا المتخلفة و يصبحون بدورهم منارة جهل لأمتهم عوض أن ينيروا طريقها. و أحاول جاهدا أن أوضح له على أن هناك أشياء حقيقية لا يسعني تكذيبها أو نكرانها، كما لن أقبل على نفسي بأن أقضي حياتي كلها مؤمنا بنظرية علمية أو افتراضات علمية ليطلع عليَّ عالم في أواخر عمري كي يفنذها و ينسفها و يضع مكانها نظرية جديدة. فأكون قد قضيت عمري مؤمنا بالوهم و متحدثا بالوهم. كما أظل أبين له -و هو العارف مسبقا- أني من أشد محبي العلوم و أخصص وقتا طويلا في القراءة عنها و مشاهدة البرامج الوثائقية المتنوعة. و هو بالضبط ما أدى بي في النهاية إلى أني كفرت قبل سنوات بكل ما يرُوج حول العلوم النظرية ما لم يثبت فعليا و يُختبر على أكثر من مستوى و على يد أكثر من فريق علمي معروف و بالتوثيق. و أخبر محدثي بأن علوم الفضاء تبقى مجرد نظريات و افتراضات أغلبها أكاذيب و افتراءات. و أننا لم نتجاوز غلاف الأرض بعد و أن كل تلك الأفلام الوثائقية حول الكون و المجرات و النجوم البعيدة و غيرها إنما هي أفلام ثلاثية الأبعاد توضيحية لافتراضات بعيدة كليا عن الحقيقة. و أنه مهما قاموا بتجارب في جامعات و مراكز علمية لا يعدو ذلك محاولة بعيدة عن الحقيقة، جاء كلامي هذا في سياق حديثه عن تجربة بسويسرا حول الثقب الأسود. التجربة الأكثر غرابة بصراحة. يا رجل! الثقب الأسود؟! هل يملكون حتى عُشُرَ المعلومات اللازمة للقيام بتجربة من هذا النوع؟ و كأن لديهم المعطيات الكافية لفعل ذلك! و أحاول إعطاء عشرات الأمثلة المنطقية فقط ليفهم على أن المنطق البسيط كاف ليرفض عددا هائلا من الادعاءات المتناقضة تحت مظلة العلوم، فلا يكلف محاوري نفسه سوى أن ينعتني بالمخالف ليعرف، أو المتخلف عن العلوم، ثم يستدل لي بعلماء دين يقولون بثبات الأرض و بانبساطها خلافا لما أثبته العلم. رغم أنه يعلم أن معلوماتي العلمية كبيرة جدا مقارنة بما لديه لدرجة أني نذرت وقتا خاصا لحفظ الجدول الدوري عن ظهر قلب ثم انطلقت لمعرفة أسرار الكيمياء في تعلم ذاتي مستمر يغريني كل لحظة. و المسألة كلها بدأت بموقف بسيط لكنه قاس جدا، حين تحدث عن الجاذبية الأرضية فصدمته بسؤالي: ما هي الجاذبية؟ فضحك ساخرا و تركته مصرا على سؤالي بهدوء، فعجز مع الدقائق عن إعطائي أي تفسير سوى أنها قديمة و العالم كله يعرف الجاذبية و تم حساب قيمتها رياضيا و و و، فاخبرته انها مجرد نظرية لا أكثر و لا نعلم حتى الآن ما الذي يشدنا للأرض فعلا. و تلك القيمة التي يتحدث عنها إنما هي قيمة مرتبطة بكتلة الجسم لحظة سقوطه أكثر مما هي تعبر عن شيء فاعل يقوم بجرنا إليه، فبدأ يدافع عن أن مركز الأرض و النواة و المعادن و غيرها، فأخبرته أن البشر بكل تقدمهم لم يتجاوزوا بعد أكثر من كيلومترين على الأكثر تحت الأرض، و كل تفسيراتهم لما يحدث أو يوجد في باطن الأرض هو مجرد افتراضات لا دليل على صحتها. فقال لي كأنك تقول بأن الرياضيات مجرد نظرية؟ طبعا جملته التشبيهية فيها نوع من السخرية تجاوزتها، و ألقيت إليه الصدمة الثانية، و قلت له بأن الرياضيات مجرد أداة و آلة ابتكرها الإنسان لحل عدد من مشاكله الكثيرة، و تفسير ظواهر تحدث من حوله يضع لها علاقات لتذكرها لاحقا، فالرياضيات لغة متطورة فقط بقدر تطورنا و لا تضيف شيئا للعالم، فهي اختراع عظيم لكنه لا يستطيع التعامل مع كل شيء، و أنها لا تنفك تتطور بتطور حاجات البشر و الحاجة أم الابتكار. فبدأ محدثي يفقد صوابه حينها، ما جعلني أشعر بصعوبة تواصلي و إياه لبعد المستويات التي نتحدث من خلالها، فهو كما لو يتحدث بلساني قبل سنوات، لذلك أنهيت النقاش مستغربا للدرجة التي قد يؤمن بها البعض بامور لم يختبرها يوما و لا دليل لديه عن حقيقتها غير كتابات تبدأ بعبارة: أكدت وكالة ناسا، أو عبارة اكتشف العلماء، أو عبارة قام فريق من العلماء بدراسة أو بتجربة... يا سيدي إننا نعوم في بحر مظلم اسمه العلوم، فنحن نشرب الجهل يوميا باسم العلم، و استعبد عقول و قلوب البشر إله جديد اسمه ناسا، مع العلم أنه على الأقل ما دام العلماء نزلوا على سطح القمر قبل أكثر من 50 سنة حين كانت العلوم متخلفة عن الآن، فلم لا يعودون إليه اليوم مع كل هذا التقدم؟! إنهم يا سيدي لم يغادروا كوكب الأرض يوما، و ما نملك من حقيقة كوكبنا و ما حوله إلا النزر اليسير. فاختر بنفسك العيش في الحقيقة، و تتبعها، أو العيش في الوهم، فأنت تملك قرارك بيدك و ما أنا سوى مهرطق مخرف.
----------------------
محمد الرامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يبني و فكرك يعلم و يصحح، فاجعله شعلة تنير قلب من تصل إليه.