السبت، 18 أغسطس 2018

أحبك و أكره الأطياف !


------------------
أحبك، ليس لحاجتي إلى امرأة في حياتي فهي مليئة بالنساء، و ليس لجمالك و لا لمالك و لا لباعك الطويل، أحبك، لسبب أعرفه جيدا و لا يخفى علي، لكني نسيت كيف أعبر عنه، أمهليني دقيقة و سأخبرك ما هو.. لأجل عينيك الناعستين؟ أو ابتسامتك الساحرة؟ لا لا، لا أعتقد ذلك، هناك شيء ما، هو ما ربط قلبي باسمك و صورتك، ربما نعومة صوتك الرقيق؟ أو ربما رقة قلبك الكبير؟ لست متأكدا من ذلك و لكن يوجد بالفعل شيء أعرفه بكل ثقة و سأخبرك به بعد قليل..
عندما رأيتك أول مرة لم أرى سوى طيف يمر بجانبي مسرعا لم أتبين ملامحه جيدا، و مر على ذلك سنوات قبل لقائنا الثاني، حينها رأيتك بشكل أوضح جعل برودة ما تسري في مفاصلي، لم يكن ذلك سوى من هول الغرابة.. يختلف عن شعوري حين رأيتك أول مرة طيفا عابرا، كان رغبة صافية نقية يملأها العجز من كل أركانها، لأني كنت ما أزال طالبا بالجامعة أتحسس طريقي نحو المستقبل، و لم يكن شعوري في لقائنا الثاني سوى شعور بالقدرة الإلاهية على جمعنا في كل زمان بأماكن متفرقة.. نظرت إليك حينها بعينين واثقتين و خفقة في القلب تنادي أنك لي، هناك شيء ما في تلك اللحظة عقد قلبي بقلبك و حكم عليهما بالسجن المؤبد، شيء أعرفه و أكاد أنطقه لكني عاجز..
بعدها بفترة خطبتك من بيت أهلك، ثم تزوجتك و أخذتك معي كفارس يتسلم أميرته الجميلة كحق من حقوقه المشروعة، لا أتذكر أي خاتم ألبستك و لا أي لباس كنت ألبسه ليلتها، كنت منشغلا بالنظر إليك و متابعة ابتساماتك الفرحة تتجول في المكان، و بعد العرس ركبنا سيارتنا الصغيرة مغادرين نحو منزلنا الصغير، كنت تدخلينه أول مرة لكنه كان يعرفك جيدا، فقد كنت تسكنين به لسنوات، و كان منزلنا حتى قبل زواجنا، كان طيفك الهادئ يعيش فيه معي منذ زمن و يتجول في كل ركن من أركانه، كنتِ جديدة على المنزل ليلتها و لكن محادثاتنا و نقاشاتنا و ضحكاتنا و جدالاتنا كانت تملأه و تسكنه قبل مجيئك، حين دخلنا المنزل يومها لم أشعر بأنك وافد جديد، إنما فقط تجسد الطيف و أصبح أكثر صلابة و وضوحا، و صار بإمكاني لمسه و الشعور به أكثر، ما شعرت بتغيُّر في المكان غير أني أصبحت أحب وجودك أكثر، فكما تعلمين لا أحب الأطياف و لا الخيالات، يومها حضَّرت عشاءنا على طاولة مضاءة بشمعتين صغيرتين، لم يكن باذخا كعشاء القصور و لكنه كان مملَّحا بطعم السعادة، لم أتجرأ على الإمساك بيديك في البداية، فضلت تشبيك أصابع يدي و تحرير ابتسامة متمردة على شفتي و أنا أنظر إلى محياك الباسم، ابتسامة يملأها الحب و الأمان، الأمان الذي فقدته في اليوم التالي و أنا أستفيق بالمنزل وحيدا يلفني الصمت، و أخرج من حلم جميل أشبه بكابوس، لأعود للبحث عن طيفك في زوايا المنزل الصامت...
----------------------------------------------
محمد الرامي 17 _ 08 _ 2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يبني و فكرك يعلم و يصحح، فاجعله شعلة تنير قلب من تصل إليه.