الأربعاء، 11 مايو 2016

المقبرة! رعب (الحلقة 2)





       قام نحو المطبخ ليحصل على كوب ماء يخفف به حرارة جسده الملتهب بكابوس صنعته ثلاجة مهترئة، ارتطم بكل شيء في طريقه قبل أن يلج باب المطبخ فاتحا عينا و مغلقا أخرى، كانت نافذة المطبخ مفتوحة فأغلقها أولا قبل أن يشرب، ثم عاد لفراشه و استلقى كالميت بضع ساعات أخرى...

*************************************************

       على ضفة ملعب صغير وسط المدينة عصرا وقف يشاهد مباراة بين أطفال يقلدون نفس اللاعب المشهور (زيدان)، يضع الهاتف على أذنه و يتحدث لصديقه كمال بصوت مرتفع كما لو كان يكلم أصماً: "عليك أن تثق بي و تسايرني في الأمر.. (يسمع قليلا).. ليس في الأمر ما يجعلك تتردد كل هذا التردد، هي مجرد مقبرة قديمة مهجورة في طرف المدينة سبق لك أن مررت بها ألف مرة.. (يسمع).. لا تقلق لن نتأخر، ساعة على الأكثر ونعود أدراجنا، أحضر معك مصباحا يدويا خاصا بك، سأحضر أنا الباقي، إلى اللقاء" يغلق الهاتف و يضعه في جيب سرواله، و يتحرك مبتعدا عن الملعب و هو ينادي في طفل يجري بالكرة: "اقذفها أيها المحترف الصغير، هيا يا ماجد الحقيقي" نظر إليه كل الأطفال مستغربين و لعل جلهم تساءل في نفسه: "هل هو مخبول؟"، استوقف على جانب الطريق سيارة أجرة صغيرة أقلته للمنزل كي يستعد لعملية الليلة، حيث قرر قبل أسبوع ان يستكشف قبرا وحيدا ما زال صالحا بمقبرة النصارى قرب معمل الآجور، ظل الناس يمرون وسط المقبرة و قربها لعقود و يطلون في قبوها المحفورة بعد أن تم نقل كل المدفونين إلى فرنسا في زمن سابق، لكن قبرا واحدا يظل قائما و صالحا دون نقله، يقول البعض أنه شخص نبذته فرنسا لسبب سري، و يقول البعض أنه ربما لا احد مدفون بذلك المكان، و تقول الشائعات أشياء كثيرة فقرر أن يستعين بصديقه كمال و يحاول فتح القبر و معرفة ما بداخله.

*************************************************
       حمل حقيبة ظهر متوسطة احتوت أحبالا و أدوات حفر صغيرة و مصباحا يدويا و سكاكين و مفكات و غيرها، وضعها على ظهره و سار ربع ساعة قبل أن يصل قرب بلدية المدينة حيث اتفق مع صديقه أن يلتقيا، بثبات مزيف سارا ببطء نحو المقبرة على طريق محاذ للمحكمة الابتدائية، كاد ينطق قلب كمال صارخا لولا أن القلب ليس له لسان، رفض العملية منذ اللحظة الأولى و ظل يرفضها، لكن صديقنا أصر أن يشاركه و حاول إغراءه بأن الامر قد يتعلق بكنز مدفون في المكان!! على أعتاب المقبرة توقف كمال يلتقط أنفاسه كأنه قطع عشرات الكيلومترات في تلك الأمتار القليلة، استخرج قنينة ماء من حقيبته فنظر إليه صديقنا مستغربا دون كلام، تفوه كمال حينها قائلا: "إنك لا تعلم ما قد يحدث يا صاحبي، فلا تستغرب" و مد يده نحو قلب صديقه هامسا: "دعني أرى دقات قلبك" لكن صاحبنا تنصل منه محاولا إخفاء الهلع البادي في عينيه، جلسا دقيقة يتأكدان أن لا أحد يتجول في المكان أو يمر منه، رغم أن الليل حالك إلا أن المقبرة لا تخلو من السكيرين و المتشردين الذين يبحثون عمدا عن أماكن الأشباح.. قال صاحبنا لصديقه: "لقد اخفيت صباحا معولين و رفشا داخل المقبرة سآتي بهم، اسبقني عند القبر المعلوم"، اختفى صاحبنا وسط المقبرة بينما تحرك كمال ببطء نحو القبر و هو يتلفت في كل اتجاه بلا رغبة منه، توقف عند القبر و بمساعدة مصباحه اليدوي قرأ اسم المدفون على الشاهد "role pet"، لكنه فجأة قفز رعبا حين ظهر شيء ما بسرعة من خلف النبتة المجاورة و كاد أن يصرخ لولا أن أدرك عقله في آخر لحظة أنه صديقه عاد بالمعولين و الرفش، نظر إليه صاحبنا مستغربا من جحوظ عينيه و قال: "لا تخبرني أنك كنت ستصرخ!" رد كمال محاولا الثبات كأنه على الصراط: "لا.. لم سأصرخ؟!"... (يتبع)
-----------
محمد الرامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يبني و فكرك يعلم و يصحح، فاجعله شعلة تنير قلب من تصل إليه.