الثلاثاء، 17 مايو 2016

أسرار التميز (الحلقة 8 ) -- الحواجز: 1- ما الذي يتحكم في قراراتنا --



إن أول نتيجة مباشرة للاعتقاد السلبي عن الذات، هو التفكير السلبي في التعامل مع الذات، و يقصد بالاعتقاد عن الذات ما يظنه الانسان عن نفسه و مقتنع به، سواء كان إيجابيا أو سلبيا، و لذا ففي مقابل الاعتقاد السلبي، يوجد اعتقاد إيجابي، و كلامها لا يتكون لوحده إنما له روافد تغذيه و ترعاه و تنميه، و إذا ما سيطر الاعتقاد السلبي على الانسان و تضخم، فإنه يؤدي لنتائج كثيرة، أسوأها أن يؤدي بالانسان إلى التفكير في الانتحار للتخلص من ذاته التي كرهها! و إن لم يفعل، فإنه سيؤدي على الأقل إلى أن يصبح الانسان مرتعا للكثير من الأمراض النفسية: كالقلق و الاحباط و الكآبة و اليأس و العدوانية و الكراهية للعالم.. أو الأمراض الجسدية الخطيرة الناتجة عن تلك الأمراض النفسية، أو عن طريق القيام بسلوكات سيئة و ضارة نابعة من ذلك الاعتقاد السلبي.
و كما يقول أحد المفكرين:" سواء قلت أستطيع أو قلت لا أستطيع، فأنت على صواب" لأن تلك الجملة تعبر عن شعور و إحساس داخلي، و هي نتيجة اعتقاد سلبي أو إيجابي مترسخ. و كل تصرف نقوم به في حياتنا مهما كان صغيرا، لا بد أن اعتقاداتنا عنه تتدخل في دفعنا إلى فعله أو منعنا من ذلك. اخترت شعبة دراسية معينة؟ اعتقادك عن تلك الشعبة جعلك تختارها، و اعتقاد الآخرين عنها هو ما سيمنعهم من اختيارها و اختيار شعبة أخرى غيرها. اخترت زوجة؟ اعتقادك عنها دفعك لذلك. اخترت مهنة ما؟ و اقصد اخترت و ليس فرض عليك، تذكر أن اعتقادك دفعك لاختياراتك تلك، و هو نفسه منعك من اختيارات أخرى، نظرتك للأمور نابع من اعتقاد بداخلك عنها.. تحب العيش في الخارج أو تكرهه، فاعتقادك يتدخل.
و قوة الاعتقاد تتدخل في تحديد طريقة تفكيرنا، و تفكيرنا يتدخل في تصرفاتنا، كما أن تصرفاتنا هي التي تحدد شخصيتنا أمام الناس، و تؤثر سلبا أو إيجابا على علاقاتنا، و على صورتنا عند الآخرين. فكيف يتكون الاعتقاد؟ و هل يمكن تغييره؟
أولا نتفق، إن كان الاعتقاد يتكون كما جاء في السؤال، فهو قابل للتغيير، لأنه بذلك يكون مكتسبا، و كل مكتسب يمكن تغييره أو تعديله لأنه قادم من خارج ذواتنا، و ليس جزءا لا يتجزأ منها. و إجابة عن السؤال الأول، أقول لك أن الاعتقاد يتكون، و نكتسبه مع الوقت منذ ولادتنا من طرق مختلفة، فيبدأ يتكون في السنوات الأولى في البيت ضمن الأسرة، و يبدأ الانسان في النهل من الأم و الأب، و من يسكنون ذلك المنزل لأنه المحيط الأول للإنسان، و فيه يتعلم الانسان اللغة و طريقة الكلام، و يشاهد العلاقة السائدة في المنزل، و طريقة تعاملهم، و الرسائل التي يتبادلونها فيما بينهم. ثم يذهب الطفل للمدرسة، و يبدأ في النهل من زملائه و معلميه و الشارع، و يبدأ في مشاهدة التلفاز فيخضع لتأثير الإعلام الذي ينهل منه، و بهذا يكون المحيط مكونا آخر للاعتقاد. إلا أنني أنبهك لشيء آخر له دور مهم في بناء اعتقاداتنا، و هو حديث النفس الذي يرافقنا طيلة حياتنا، و هو أخطر مؤثر لأنه نابع من ذواتنا و ليس قادما من خارجها. تشير أشهر الدراسات إلى أن الانسان يتلقى خلال حياته حوالي 145 ألف رسالة سلبية مدمرة، مقابل 4000 رسالة إيجابية في أحسن الأحول، بينما يعلنون الرقم 600 كرسائل إيجابية في المتوسط.
----------- 
محمد الرامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يبني و فكرك يعلم و يصحح، فاجعله شعلة تنير قلب من تصل إليه.