الخميس، 14 أبريل 2016

أسرار التميز ( الحلقة 4) -- متميز أم عادي --



     لو سألتك سؤالا: هل تعرف نفسك؟ هل ستقول لي نعم؟ إذن ماذا تعرف عنها؟ من أنت؟ و ما هي إمكانياتك؟ و ما هي حدود قدراتك؟ و أين ينتهي الممكن عندك و يبدأ المستحيل؟ أظنك الآن تقول: لم اقصد أني أعرف كل هذا. لذل اسمح لي أن أخبرك أنك لا تعرف نفسك، أنت تعرف فقط ما سمعته من الناس، و ما صادفته في بعض الكتب، و ما أقنعك به الآخرون. أما الحقيقة فشيء آخر، تختلف، أنت غير ما تعتقده تماما، و لن تدرك ذلك إلا حين تغمض عينيك و تبدأ في التفكير: هل من الممكن أن أكون غير ما أنا عليه؟ هل ممكنا أن أكون أفضل؟ أو أسوأ؟ إذن فما الذي يمكن أن يجعلني أفضل؟ و ما الذي يمكن أن يجعلني أسوأ؟ عد بنفسك للصغر و حاول أن تفكر بنفس الطريقة التي كنت تفكر بها، أوقف القراءة عند كل سؤال، و طبق معي، خذ دقائق للإجابة عن كل سؤال، عد للطفولة و فكر: ما الذي كنت تريد فعله و لم تستطع فعله أبدا؟ ما الذي كان يمنعك من القيام ببعض الأفعال التي كنت تريد القيام بها؟ حسنا، لو تُرِكَتْ لك الحرية حينها، ما الذي فكرت يوما بالقيام به، و كنت راغبا بشدة في ذلك، لكنك لم تفعل؟ لِمَ لَمْ تفعل؟ كم مرة أردت فعل أشياء و وجدت من يقول لك: لا تفعل. و انصعت لأمره إما بفعل الخوف، أو بفعل الثقة؟ هل تشعر أن طاقتك كانت كبيرة، و طموحك كان كبيرا، و أن هناك من أقبره؟ هل تشعر أنك كنت ترى الحياة أفضل و أسعد و أجمل؟ هل تشعر برغبة في العودة للصبا من جديد؟ حسنا لماذا تحن للصغر؟ هل لأن مسؤوليات الحياة ثقيلة الآن؟ أم لأنك تجد صعوبة في التعامل مع هذه المسؤوليات، و تعجز عن حملها؟...لو تسأل أسئلة كبيرة فستحصل على أجوبة كبيرة، لكن فقط حينما ستفكر في تلك الأسئلة بطريقة صحيحة، و تنظر إليها من خلال التجرد عن الواقع الذي يحيطك، اسأل نفسك مثل هذه الأسئلة، و أطلق لخيالك اللجام حتى يبحث عن أجوبة أبعد منك قليلا، و طالما تفكر في الأشياء بتركيز كبير على واقعك، فإنك ستفشل في الوصول للحقيقة، لانك ستفكر بالطريقة التي اعتدت التفكير بها، و هي الطريقة نفسها التي أبعدتك عن النجاح و التميز، و أنتجت بداخلك اعتقادات سلبية كثيرة، و جعلتك واحدا من الملايين الذين يعتبرون ما يعرفونه هو كل العالم، و يعيشون التقهقر النفسي كل يوم، و لا يستطيعون التمييز هل هم مصابون بالقلق، أم بالاكتئاب، أم بالوسواس، أم بالخوف، أم باليأس..لأن الحياة بالنسبة لهم، هي كما يعيشونها فقط. لكنك تستطيع التحرر من واقعك قليلا؛ تستطيع الابتعاد عنك قليلا لتبحث عن الحقيقة بالجوار، و حين ستجدها ستعود إلى ذاتك محملا بكنز سيقلب حياتك و نظرتك للعالم، و سوف لن يبقى العالم صغيرا كما تعتقده، بل سيتسع لدائرة أوسع بكثير، و تتسع معه نظرتك لترى ما لا تراه الآن من الحقائق. تدبر معي هذا الجسم الصغير الذي تعيش بداخله، كم من الأعضاء تعمل ليلا و نهارا دون أن تتدخل أنت في عملها؟ لو تُرِكَتْ لك مسؤولية إدارة هذا الجسد، هل كنت ستعيش لأكثر من يوم واحد؟ انظر معي لهذا القلب، ما هي أهميته؟ هل تستطيع بيعه يوما بثمن؟ و هذا الكبد، هل تدرك قيمة ما يقوم به؟ انظر معي لهذه العروق، و هذه الرئة، و هذه المسالك المتشعبة، هل هي مهمة لاستمرار الحياة؟ ستقول لي نعم، كل هذه معجزات من الخالق سبحانه، " و في أنفسهم أفلا يبصرون؟ ". و سأقول لك: هل خلقك الله بهذه المعجزات من أجل أن تأكل و تشرب و تنام و تتزوج و تلهو فقط؟ من أجل أن تختلق مشكلات في الصباح، كي تقضي المساء في البحث عن حل لها؟ من أجل أن تعيش فقط لتنتظر الموت؟ و إن كنت ترى حقا أن هذا الجسد معجزة كبيرة جدا، فهل ترى أيضا أن الروح معجزة أكبر؟ في أي مكان من الجسد تتموقع هذه الروح؟ هل هي عبارة عن هواء، أو ماء، أو شعور؟ هل هي مُكَوِّنٌ سائل أم صلب أم بين ذلك؟ " يسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا ". إنك مجموعة لا متناهية من المعجزات، و منها ما هو ملموس كالجسد و أعضائه، و ما هو مجرد كالروح و أسرارها. و لهذا حري بك أن تؤمن بوجود قدرات و إمكانات غير ملموسة تمتلكها، و تنتسب إلى الروح، كما تؤمن بوجود قدرات و إمكانات بدنية ملموسة تنتسب للجسد كالحركة و الرؤية و السمع و الكلام، قدرات أخرى مجردة عن الرؤية أو اللمس، لكننا نشعرها، نرى تأثيرها من حولنا، التفكير، الحب، الألم، الفرح، التخيل، الحلم...قدرات أخرى لا تقل أهمية، و تعطي معنى للحياة. و بعد قليل سأعرض عليك بعض الحقائق التي قد لا تعرفها عن نفسك، و التي ربما ستسمعها لأول مرة في حياتك، قارنها بما كنت تعرفه و ما صرت تعرفه، و انظر أي مخلوق أنت، و ستكتشف فعلا أنك لست مخلوقا عاديا، و عليك ألا تحيا حياة عادية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يبني و فكرك يعلم و يصحح، فاجعله شعلة تنير قلب من تصل إليه.