الأحد، 3 أبريل 2016

حزب اللاعدالة و اللاتنمية

  


    من الدروس السياسية التي تعلمتها في السنوات الأخيرة: أن الشعارات تصنع فقط لتحقيق المكاسب و المناصب فقط و لا توضع لتحقيقها، و هو تماما ما جسده حزب العدالة و التنمية في فترته التي قاربت على الانتهاء. و ضرب ببساطة كل مبادئه و ما ظل ينادي به خلال مسيرته، و ضرب حتى الاسم الذي يحمله "العدالة و التنمية" فلا عدالة هنالك حققوا و لا تنمية طلبوا و نشدوا، يسأل المؤيدون للحزب في استغراب كيف؟ طيب ماذا تعني كلمة عدالة؟ أهم ما قد يعمل عليه مناد بالإصلاح هو تحقيق عدالة اجتماعية بين كافة الشعب دون تمييز، كما يعمل على تحقيق عدالة اقتصادية تحقق رخاء للمواطنين حتى لو في الحد الأدنى. فهل يمكننا اليوم أن نتحدث عن تحقيق أي منهما و نحن نرى الإصلاح الذي نادى به الحزب قبل انتخابه يقوم فقط على ظهر البسطاء و الضعفاء؟! ألا يمكن تحقيقه إلا بدماء (المشفوطين) أصلا، بينما أصحاب الأموال يستحمون في حمامات النقود و يفترشونها دون أن يساهموا بدرهم واحد، تحت أنظار هؤلاء المناضلين المزيفين! أيضا لا يقوم الإصلاح فقط على جانبي العدالة تلك، لأن جانبا آخر مهم جدا علينا تحقيق العدالة فيه و هو العدالة القانونية، بحيث يسري القانون بالعدل بين كل فئات الشعب فقرائهم و أغنيائهم، بسطائهم و ضعفائهم، و تماسيحهم و عفاريتهم، و لا يسري بين الفئات الأضعف في المجتمع فقط، و على الفئات البسيطة الطامحة لمستقبل أفضل من واقعها (الأستاتذة المتدربون و الممرضون و ..) لأن هذا يسمى بصراحة (الحكرة)، التي تتحمل مسؤوليتها حكومة حزب يدعي العدالة.. و نادى الحزب بالتنمية أيضا منذ وضع الكلمة ضمن اسم الحزب، لكن المعروف في الدول الصادقة في طموحاتها و شعاراتها يأن تحقيق التنمية يبدأ باستهداف الجوانب التي تصنع الإنسان و تجعله منتجا و فاعلا و متزنا لأن لا تنمية تصنع في المصانع، بل تصنع في المنازل و الشوارع و كل مكان بالبلاد، و أهم مجال تتجه إليه الدول المحترمة هو مجال التعليم فتركز عليه لأنه مصنع الإنسان الحقيقي، و هو ما صعد بماليزيا إلى المرتبة العاشرة اقتصاديا في العالم بعد حوالي 20 عاما من تطوير مناهجها التعليمية، و تسوية و تحسين وضعية أساتذتها المالية و الإنسانية، حتى صار دخل المعلم بماليزيا من أعلى الرواتب بالبلاد و من بين أعلى رواتب المعلمين في العالم إلى جانب ألمانيا، بينما تنمويو بلادنا المزيفون لا يناقشون في التعليم سوى رفع الدولة يدها عنه بخوصصته، أو توديع مجانية التعليم، أو كيف ننتصر في معركتنا ضد المتدربين و ننقص مرتبهم و نربح رشاوى أثناء امتحانات توظيفهم أو... إن هذا الحزب في حقيقته "حزب اللاعدالة و اللاتنمية" و لا يمكن أن ينكر ذلك عاقل حتى لو كان متعاطفا، و أنا أتحدث بصفتي متعاطفا لعقود صوتت للحزب في الانتخابات السابقة..
** لكني للأسف مع أنه يمكنني القول بأنه الحزب كذب و خدع الشعب، لكني لا أستطيع القول بأنه أسوأ من سابقيه، بل كانوا اسوأ منه بمرات و أنا لست ممن ينسى الماضي، كما يحسب لهذا الحزب نقاط كثيرة لا ينكرها حتى المعارضون، إلا أن سقف الطموحات و الوعود التي زرعوها في الناس كانت في واد، و هم ظلوا في حفرة آخرى بعيدة عن ذلك الواد..و لهذا يصبح المنادون بخيار المقاطعة أكثر وعيا من غيرهم لو كان هذا الشعب يتمتع ببعض الوعي، و ليس كما هو الآن من الجهل بحيث يبيع المواطن صوته لأكبر منافق و مخادع بل للشيطان ب 200 درهم، فتصبح المقاطعة خيار كارثي في ظل هذا الواقع أيضا، نحن حقيقة نتخبط في حيرة و تردد و تشتت فكري و نفسي وضعنا فيه سياسيون تافهون أفضلهم أسوأ من مسيلمة!!!
----------------
محمد الرامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك يبني و فكرك يعلم و يصحح، فاجعله شعلة تنير قلب من تصل إليه.